سلسلة شطريون مبدعون ... طالب الفراتي
• عام 1963 شارك في برنامج إذاعي عنوانه (أرضنا الخضراء) الذي أعده المرحوم غازي مجدي، وعرف من خلاله بشخصية (أبو سباهي).
• اشتهر بالأدوار الريفية وقدم العديد من الأعمال الفنية في السينما والمسرح والتلفزيون.
• ظهر في أعمال درامية منها مسلسلي (الدواسر) و (جرف الملح) بدور الشيخ غافل وأجاد الدور بكفاءة عالية للراحل إبراهيم عبد الجليل اللذين شكلا منطلقاً جديداً للدراما العراقية بآفاقها الواقعية والاجتماعية والإنسانية والإبداعية.. لتتواصل مشاركاته التلفزيونية في أعمال أخرى بينها: اللاهثون، والعم عناد وأعماق الرغبة وبركان الغضب والعديد من الأعمال البدوية.
• وهكذا ديدنه في الأعمال الإذاعية برامج وتمثيليات ومسلسلات وفيها برز مقدما ناجحا وباستقطاب جماهيري كبير وممثلا محبوبا أصبح محل إعجاب وتقدير الجميع متلقين ومعنيين على حد سواء.
• في الشاشة الكبيرة (السينما) حقق طالب الفراتي حضوره الأكبر في العديد من الأفلام السينمائية لأبرز مخرجي السينما في العراق، ويقف في مقدمتها الفلم الروائي الكبير (الظامئون) الذي قدم فيه المخرج محمد شكري جميل إحدى روائعه، حيث كان الفراتي احد الفنانين الذين أسهموا في صياغتها إلى جانب فنانين كبار مثل خليل شوقي وناهدة الرماح وفوزية عارف وسامي قفطان ومي شوقي..
• قدم أفلام أخرى في السينما العراقية منها: (التجربة 1977) للمخرج المصري: فؤاد التهامي، وفيلم (يوم آخر 1979) للمخرج الراحل: صاحب حداد، وفيلم (الباحثون) للمخرج: محمد يوسف الجنابي، وفيلم (الأسوار 1979) للمخرج: محمد شكري جميل، وفيلم (المسالة الكبرى 1982) للمخرج: محمد شكري جميل، وفيلم (عمارة 13) للمخرج الراحل: صاحب حداد ، وفيلم (العاشق) للمخرج السوري: محمد منير فنري وغيرها من الأعمال السينمائية.
• حصد الفراتي في فلم (يوم آخر) للراحل صاحب حداد بعد ان قدم أروع أدواره السينمائية جائزة أفضل ممثل حيث قدم وبتماه عال شخصية الإقطاعي (الشيخ مجيد) المتنفذ الذي يشحذ كل غرائزه الحيوانية وشهواته الاستغلالية وينقض على أولئك الفلاحين الأميين ليحرق محصولهم ويقتل العديد من ذويهم بالرصاص الذي لايفرق بين امرأة ورجل وطفل.
• اتسعت جماهيرية الفنان طالب الفراتي مع انتقاله للعمل في الفرقة القومية للتمثيل (الفرقة الوطنية حالياً) ليكرس نجوميته في العديد من المسرحيات كان أبرزها مسرحية (المحطة) لفتحي زين العابدين التي كانت ومازالت من أفضل المسرحيات الشعبية الكوميدية سواء التي قدمتها هذه الفرقة أو التي عرضتها الفرق الأخرى لما انطوت عليه من مواقف ومفارقات كوميدية ذات دلالات اجتماعية وإنسانية بالغة الأهمية لاسيما في الشخصية التي جسدها الفراتي التي جسدت الشهامة والنخوة والطيبة إلى جانب زملائه الفنانين المعروفين: الراحل عبد الجبار كاظم وعماد بدن وليلى محمد التي تكرست نجوميتها في هذه المسرحية بعد انتقالها من الفرقة القومية للفنون الشعبية إلى عالم المسرح القومي الرحب.. هذه المسرحية التي عرضت للمرة الأولى عام 1985 في المسرح الوطني وأعيد عرضها على خشبة مسرح الرشيد عام 1986 فضلا عن عرضها في محافظات كربلاء وواسط والموصل وبإقبال جماهيري مازالت عند عرضها تلفازياً تحقق ذلك الأثر وتدخل البهجة والمتعة إلى النفوس بالرغم من مرور أكثر من عشرين عاما على عرضها..
• توالت مشاركات الفراتي في أعمال مسرحية أخرى منها: (فندق وسط المدينة - وأحلام العصافير- والبهلوان) وغيرها من المسرحيات مع الفرق المسرحية الأخرى..
• عاش اخر أيامه في عزلة، وفي فترات مرضه لجأت زوجته الفنانة أزهار حمودي إلى فتح محل من دارهم، قامت فيه ببيع المواد الغذائية لكي تقوم بتوفير ما يمكنها لرعايته واعالته في وقت لم تمتد له يد العون نهائيا باستثناء راتبه التقاعدي الذي لايغني ولا يشبع من جوع، حتى رحل عنا يوم الأربعاء الموافق 8/ 6/ 2005، وشيعه الفنانون في دائرة السينما والمسرح ببغداد بحزن وألم شديدين. وبذلك يكون اسدل الستار على اعظم شخصية من شخصيات الفن العراقي التي ساهمت في تطوير الفن العراقي بشكل فعال.
• اشتهر بالأدوار الريفية وقدم العديد من الأعمال الفنية في السينما والمسرح والتلفزيون.
• ظهر في أعمال درامية منها مسلسلي (الدواسر) و (جرف الملح) بدور الشيخ غافل وأجاد الدور بكفاءة عالية للراحل إبراهيم عبد الجليل اللذين شكلا منطلقاً جديداً للدراما العراقية بآفاقها الواقعية والاجتماعية والإنسانية والإبداعية.. لتتواصل مشاركاته التلفزيونية في أعمال أخرى بينها: اللاهثون، والعم عناد وأعماق الرغبة وبركان الغضب والعديد من الأعمال البدوية.
• وهكذا ديدنه في الأعمال الإذاعية برامج وتمثيليات ومسلسلات وفيها برز مقدما ناجحا وباستقطاب جماهيري كبير وممثلا محبوبا أصبح محل إعجاب وتقدير الجميع متلقين ومعنيين على حد سواء.
• في الشاشة الكبيرة (السينما) حقق طالب الفراتي حضوره الأكبر في العديد من الأفلام السينمائية لأبرز مخرجي السينما في العراق، ويقف في مقدمتها الفلم الروائي الكبير (الظامئون) الذي قدم فيه المخرج محمد شكري جميل إحدى روائعه، حيث كان الفراتي احد الفنانين الذين أسهموا في صياغتها إلى جانب فنانين كبار مثل خليل شوقي وناهدة الرماح وفوزية عارف وسامي قفطان ومي شوقي..
• قدم أفلام أخرى في السينما العراقية منها: (التجربة 1977) للمخرج المصري: فؤاد التهامي، وفيلم (يوم آخر 1979) للمخرج الراحل: صاحب حداد، وفيلم (الباحثون) للمخرج: محمد يوسف الجنابي، وفيلم (الأسوار 1979) للمخرج: محمد شكري جميل، وفيلم (المسالة الكبرى 1982) للمخرج: محمد شكري جميل، وفيلم (عمارة 13) للمخرج الراحل: صاحب حداد ، وفيلم (العاشق) للمخرج السوري: محمد منير فنري وغيرها من الأعمال السينمائية.
• حصد الفراتي في فلم (يوم آخر) للراحل صاحب حداد بعد ان قدم أروع أدواره السينمائية جائزة أفضل ممثل حيث قدم وبتماه عال شخصية الإقطاعي (الشيخ مجيد) المتنفذ الذي يشحذ كل غرائزه الحيوانية وشهواته الاستغلالية وينقض على أولئك الفلاحين الأميين ليحرق محصولهم ويقتل العديد من ذويهم بالرصاص الذي لايفرق بين امرأة ورجل وطفل.
• اتسعت جماهيرية الفنان طالب الفراتي مع انتقاله للعمل في الفرقة القومية للتمثيل (الفرقة الوطنية حالياً) ليكرس نجوميته في العديد من المسرحيات كان أبرزها مسرحية (المحطة) لفتحي زين العابدين التي كانت ومازالت من أفضل المسرحيات الشعبية الكوميدية سواء التي قدمتها هذه الفرقة أو التي عرضتها الفرق الأخرى لما انطوت عليه من مواقف ومفارقات كوميدية ذات دلالات اجتماعية وإنسانية بالغة الأهمية لاسيما في الشخصية التي جسدها الفراتي التي جسدت الشهامة والنخوة والطيبة إلى جانب زملائه الفنانين المعروفين: الراحل عبد الجبار كاظم وعماد بدن وليلى محمد التي تكرست نجوميتها في هذه المسرحية بعد انتقالها من الفرقة القومية للفنون الشعبية إلى عالم المسرح القومي الرحب.. هذه المسرحية التي عرضت للمرة الأولى عام 1985 في المسرح الوطني وأعيد عرضها على خشبة مسرح الرشيد عام 1986 فضلا عن عرضها في محافظات كربلاء وواسط والموصل وبإقبال جماهيري مازالت عند عرضها تلفازياً تحقق ذلك الأثر وتدخل البهجة والمتعة إلى النفوس بالرغم من مرور أكثر من عشرين عاما على عرضها..
• توالت مشاركات الفراتي في أعمال مسرحية أخرى منها: (فندق وسط المدينة - وأحلام العصافير- والبهلوان) وغيرها من المسرحيات مع الفرق المسرحية الأخرى..
• عاش اخر أيامه في عزلة، وفي فترات مرضه لجأت زوجته الفنانة أزهار حمودي إلى فتح محل من دارهم، قامت فيه ببيع المواد الغذائية لكي تقوم بتوفير ما يمكنها لرعايته واعالته في وقت لم تمتد له يد العون نهائيا باستثناء راتبه التقاعدي الذي لايغني ولا يشبع من جوع، حتى رحل عنا يوم الأربعاء الموافق 8/ 6/ 2005، وشيعه الفنانون في دائرة السينما والمسرح ببغداد بحزن وألم شديدين. وبذلك يكون اسدل الستار على اعظم شخصية من شخصيات الفن العراقي التي ساهمت في تطوير الفن العراقي بشكل فعال.
سلسلة شطريون مبدعون ...صباح السهل
مطرب عراقي ذو صوت قوي وجميل ولد في مدينة الشطرة بمحافظة ذي قار جنوب العراق في عام 1946، برز خلال فترة السبعينيات من القرن الماضي، اسمه الكامل صباح محسن محمد،. برز في تقديم الأغنية الريفية.
تميز صوته بالفخامة والسعة والغلظة وجاذبية القرار الذي يميزه عن أقرانه من مطربي جيله. وكما كان يقول متندراً (سبع صنايع.. والبخت ضايع) جاء إلى بغداد في سبعينيات القرن العشرين، عمل مطرباً في فرقة الفنون الشعبية التي احتضنت معه مجموعة من الفنانين امثال رياض أحمد، قحطان العطار وصلاح عبد الغفور. كانت أولى اغنياته لإذاعة صوت الجماهير (عيونه تركيات يرمن ابّغداد) وهي اغنية فلكلورية اضاف لها، بثت من الراديو ولم تظهر على شاشة التلفزيون. وبعد هذه التنقلات ما بين فرقة واذاعة ودائرة، قاد خطاه إلى عالم الشهرة والاضواء الملحن الكبير محمد جواد اموري لما وجد فيه من حلاوة صوت، وحنجرة غنائية جديدة، مختلفة عن أبناء جيله وعن الجيل الذي سبقه وان كان يميل إلى ترديد اغاني الفنان القدير حسين نعمة. بدأ مشواره الغنائي بباقة من الاغنيات الرائعة ابتداء من (اشلون اكول هواي وشلون اعوفه) وهي من الدارمي القديم والحان محمد جواد اموري، وجاءت الاغنية التي رسخت اسم الفنان الراحل في عالم الفن بجد وثقة عالية (بلاية وداع) في حينها أصبحت من الاغاني الشائعة جداً لقوة كلماتها واللحن الجميل والصوت المعبر الذي استطاع ان يخترق قلوب المستمعين، وهي من كلمات الشاعر عريان السيد خلف والحان محمد جواد اموري، في هذه الاغنية كأنما كان يغني إلى قدره، وكأنه كان يدري سيغادرنا بلا وداع. غنى بعدها إلى الشاعر الراحل (جبار الغزي) اغنية في حفلة رأس السنة العام (1976) تقول كلماتها (عطشان كلبي وملهوف.. درب الهوة اندليته) وغنى للشاعر نفسه (لكتب على صدر الحمام) و(تاني يبنيه تاني) وهذه الاغاني من الحان محمد جواد اموري. ولم يختصر تعامله مع اموري الذي لحن أكثر اغنياته، هذه المرة تعامل مع كمال السيد بلحن من اروع الالحان، وباغنية مغايرة بطريقة كتابتها وهي (اخذ شوكي) للشاعر الراحل (كاظم الرويعي) وتواصل السيد مع صباح السهل باغنية أخرى تمثل علامة فارقة في الغناء السبعيني (وفه الناس) من كلمات الشاعر كريم راضي العماري. عاد إلى ملحنه الذي اكتشفه ليغني (نوبة شمالي الهوة، ونوبه الهوة جنوبي) كلمات الشاعر الراحل جودت التميمي وهذه الاغنية من أكثر اغاني الراحل انتشاراً في الوطن العربي. وماعدا هذه الاغنيات التي ذكرناها له اغنيات جميلة كثيرة ومنها (حبينه ياشوك العمر حبينه) كلمات الشاعر بشير العبودي، و(عالميج يابو الميج يابو الميجنة) كلمات مكي الربيعي وهي ليست فلكلورية كما يقول عنها المطربون الجدد في الفضائيات.
اودع في سجن المخابرات بتاريخ 4 / 4 / 1993، وكانت تهمته هو التهجم على شخص الطاغية دكتاتور العراق ذلك الوقت. وأعدم بتاريخ 3 / 5 / 1993 وتمت مصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة. ومنع بث أغانيه في الاذعة والتلفزيون العراقي فيما بعد.سلسلة شطريون مبدعون ...بهجت الجبوري
فنان عراقي قدير من مواليد قضاء الشطرة بمحافظة ذي قار عام (1947)، خريج معهد الفنون الجميلة ــ قسم المسرح نهاية الستينيات، عاش طفولته وشبابه المبكر في مدينة الناصرية، منطقة دور الادارة المحلية، التي كانت تعتبر في تلك الفترة الزمنية من افضل مناطق واحياء المدينة من حيث الموقع ودرجة العمران والبناء والحدائق والشوارع المعبدة.
فوالده محمود الجبوري كان يعمل (مشرفا تربويا) في مديرية تربية الناصرية، وكان رجلا وقورا وصارما في تربية عائلته، لذلك نشأ ولده البكر بهجت، ضمن تربية وسلوكية فيها الكثير من الانضباط والخصال الحميدة، كإحترام الكبير والتعامل بأدب وطيبة مع الاخرين.. سيما ان بهجت قد حباه الله وسامة الوجه وحلاوة اللسان والروح. والمرح وخفة الظل، وكلها جعلته محبوبا من ابناء محلته ومدينته. هكذا نشأ الفنان بهجت الجبوري وديعا مسالما، يحب الحياة والجمال والطبيعة والمرأة، قبل ان يأخذه الفن ويدخل عالمه الاثيري الذي احبه بكل صدق، وفضله حتى على امنية عائلته في ان يصبح ولدهم البكر طبيبا او مهندسا.
شارك بهجت الجبوري عندما كان طالبا في الثانوية، بالكثير من الاعمال المسرحية، مع فرقة الناصرية للتمثيل، التي كانت تضم (عزيز عبدالصاحب، عبدالرزاق سكر، عبدالامير السماوي، محسن العزاوي، حسين نعمة، فاضل خليل، حميد كاظم، عبدالمطلب السنيد، حميد البناء.. واخرين).
بعد تخرجه من معهد الفنون الجميلة، عمل في النشاط الفني لتربية ذي قار، ثم انتقل الى بغداد لينضم الى الفرقة القومية للتمثيل، وشارك في بعض اعمالها وتألق كثيرا في مسرحية (طير السعد)، لكنه عاد مرة اخرى الى مدينته ليشرف على النشاط الفني المدرسي. وفرقة الناصرية للتمثيل التي اخرج لها بعض الاعمال المميزة في منتصف السبعينيات. عاد مرة اخرى الى بغداد وللفرقة القومية للتمثيل ليكون احد اعضائها البارزين ليبدأ مشواره الفني الحقيقي من خلال المسرح والاذاعة والتلفزيون والسينما. الفنان بهجت الجبوري احب عمله الفني كثيرا، وله حالة من التفرد وهي المراقبة والاختلاط عن كثب مع بعض مفردات الناس الحياتية والمهنية والحرفية، فكان يخرج بسيارته الشخصية منتصف الليل ليعمل سائق تكسي (اجرة) وليشاهد ويطلع من خلال عمله هذا على حياة وتصرفات الناس وخاصة (السكارى والمخمورين).. ليتفحص شخصياتهم وحركاتهم وانفعالاتهم وطريقة كلامهم عند غياب الوعي عنهم، ليجسدها في اعماله المسرحية بكل مهارة وحرفية وتلقائية بعيدا عن التشنج والافتعال والصراخ الذي اعتدنا عليه من بعض الممثلين في مسارحنا. ولنا ايضا في حادثة وفاة والده وهو على خشبة المسرح يؤدي دوره في احدى المسرحيات وقد علم بالخبر المفجع، فأستمر باداء دوره بصعوبة والدموع تتساقط من عينيه كالمطر، حتى انتهاء العرض المسرحي، واسدال الستارة، ليجهش ببكاء حار كله لوعة واسى مرير على والده الذي احبه بكل العمق الذي اعرفه عنه شخصيا. اما عن حياته العائلية، فقد ترك بهجت الجبوري لابنائه حرية الاختيار لمستقبلهم الدراسي وما يطمحون اليه فأتجه الابناء اتجاها علميا صرفا فدخل البعض كلية الطب والبعض الاخر الصيدلة والهندسة، حيث كان يدرك ويؤمن بان الانسان الناجح في حياته، من يختار مستقبله ودراسته عن حب وقناعة. لا ان يفرضها عليه الاب او الاهل.
سلسلة شطريون مبدعون ...خالد عبد الله الشطري
شاعرنا الشطري المبدع مع الجواهري الكبير |
بقلم غالب الشابندر
ا لشعر تجربة قبل كل شي في تصوري ، تجربة كلية يعيشها الشاعر ، فتتحول إلى صورة ورؤية ، ومن هنا كان من الشعر حكمة كما يُنقل عن النبي الكريم صلى الله عليه و آله وسلم ، الشاعر الذي لا ينطلق من تجربة حية ساخنة تأتي صوره باهتة ، عابرة ، لا تلبث أن تغادر عالم الحلم والخيال مجرد أن تنتهي من قراءتها ، وتجدب رؤيته عند حدود الفكرة العارية من ثراء الفكر . وقد يرى بعضهم أن التجربة هنا معاناة فلسفية ونفسية عميقة ثرية بقراءة التاريخ وظاهرة الوجود، في حين لا أرى ذلك ضرورة ، بل هي تجربة الحياة العادية ، المشتقة من أبجديات الحياة ، من سقطها وفتاتها وهوامشها ، فأن المهم هنا ليس مفردات التجربة بقدر ما هو التفاعل مع التجربة بروح شفافة ، وعاطفة جياشة ، وقلب متحرق ، فأن كثيرا من البشر قد يعاني من الحياة الكثير، وقد يتواصل معها بمساحة هائلة من الوقائع والصور الساخنة الملتهبة ، ولكن يبقى سادرا في غياهب الذات الجلدة ، ولم تحرك فيه هذه التجربة الغنية نبض الحب ، ولا نبض الشعور ، ولا نبض المسؤولية .
خالد الشطري شاعر تجربة ، تجربة ليست عميقة بذلك المعنى الفلسفي الجبار ، ولا هي عميقة بذلك التصور التاريخي الكبير ، بل بمعنى الشأن اليومي ، الشأن الذي يعنيني ويعني أغلب البشر ، شأن الفلاح الذي يتغذى صاحب الاقطاعي على دمه ، وشأن العامل الذي يحترق زنده طاقة ليستغلها صاحب المصنع الجشع، و شأن الجندي الذي يقدم روحه فداء للوطن وشأن المحب العاشق الولهان الذي يمارس الحب ببراءة وشفافية .
شعر خالد الشطري هذه هي هويته ، الشأن اليومي ، وتجربة الشأن اليومي تحمل فلسفة من نوع آخر ، لا تصل بأصل الوجود ، ومحنة الإنسان في سياق قصة الخلق ، ولكن تتصل بكفاح الإنسان من أجل الحياة ، الحياة بالمعنى البسيط ، المعنى العفوي ، تتصل بهمومنا اليومية ، هموم الوطن، والعيش ، و الحب ، و الهجر ...
يتحدث عن محنة شاعر :
عرف الناس والحياة فأبكى تارة أهلها وأضحك تارة
يهب الحب وهو يبحث عنه وهو يضفي على الجماد نضاره
ويشيع السرور وهو كئيب دامع الطرف حارق أفكاره .
هذا اللون من الشعر يعبر عن تجربة مأساوية ، تجربة تشتبك بقضية إنسانية وأن كان بطلها الشاعر ، تجربة التناقض في متن الحياة الاجتماعية ، فما ذنب هذا الشاعر الذي يهب الحياة للجماد يتحول إلى نصيب مهمل في متن الحياة ؟
هناك سؤال يجول في تضاعيف الشعر هنا ...
ولكن سرعان ما يعالج الموقف بالأمل ، نُقلة من اليأس إلى الأمل ، وهذه النقلة لم تكن مصممة من قبل ، بل مخاض عسير ...
أيها الشاعر المعذب مهلا أن يأس الأديب يعني احتضاره
أنت للشعب لا لذاتك فأرجز شبح اليأس واحتقر أسواره .
هل هي تجربة أم رؤية كان قد أشتقها من حركة التاريخ والطبيعة ؟
مها قلنا ، فإن الشأن اليومي هو الذي يوجه القصيدة هنا ، فالأمل واليأس قضايا يومية نعيشها في حياتنا ، تعترينا وتتصارع في داخلنا جميعا .
على أن الأمل في شعر خالد يأخذ مديات واسعة من مشاعره وتطلعاته ، وهو مما يكشف عن تفاعل الشاعر الجدي مع الحياة ، رغم قصر ذات يده !
يقول :
وعد ت للحياة من جديد
في نظرتي أمل
في خطوتي أمل
في ساعدي عمل
في فمي نشيد
هذه الكلية تشي بحس كلي ، تشي بتعاطي كلي مع كل قضية يتناولها في شعره ، وربما تعامله الكلي مع الجسد الإنساني له أثر في ذلك ، فقد كانت مهنته مصورا شمسيا ، يصور الذات البشرية من خارجها ، بكلها ، برمتها ، مما قد يولد في داخله نزعة التعامل الشامل مع موضوعاته الشعرية . ولكن في سياق فطري ، مشتق من الحس العام ، من تعايشه مع بسطاء الناس ، وهمومهم اليومية .
على أن الشاعر الشطري لم يعدم رؤية في شعره ، له أكثر من رؤية ، ولكنها الرؤية الخاطفة ، التي تقدح في الذهن كالضوء ، حادة ، سريعة ، بعيدة عن التفاصيل ، ومن هنا تتمتع بصدق وحرارة وحيوية ، وفي كثير من الأحيان تتفوق الرؤية الخاطفة على الرؤيا المفصلة ، تتفوق عليها بالدقة والعمق والحساسية .
يقول مثلا :
حقيقة الشاعر لا يراها إلاّ الذي في قلبه بصيرة .
فهي رؤية سريعة ، تنم عن أحساس عميق بالحياة ، ولا أنكر أن التجربة ظاهرة فيما يقول الشاعر ، ولكن نلمح أيضا فكرة خاطفة ، تضع بين أيدينا حقيقة ، وليس وصفا .
كان مغرما بأشياء الشأن اليومي ، المنجل ... المطرقة ... الخبز ... الناعور ... يلونها بدم جروحه المعنوية ، يسعى وراءها ليستضيفها في شعره ، جواهر ... بنيات ... تكوينات ...
يقول :
ألف .. ألفِ .. ألفِ شهيد
كي تسعد الرِّموش الحوالم
كي يغني الصباح
لميلاد عصفور
لضحكة ناعور
لانتفاضة معول
والتماعة منجل
للربيع القادم
لربيع الجياع
صناع هذا العصر
للخبز و الفكر
ولي الفخر أن أقول بأني
أنا من هذه المرابع الخضر
صناع هذا العصر ...
الطبيعة والإنسان والتاريخ ، أشياء تحضر في قصائد المرحوم خالد لتؤسس مركب من الحضور لتؤسس الصورة الفنية .
لقد أبتعد عن التجريد ، عن الصور الفكرية التأملية الحالمة ، وأنغمس في عمق المأساة ، مأساة الإنسان العراقي ،الذي كان يعاني من القهر والجوع والحرمان والظلم ، شاعر المحنة ، شاعر الوجع ، وإن كان يسرِّي بفن بارع الفرح في أوصال الحزن .
يقول :
نعم يا حلوة الضفيرة نعم أنا الشاعر يا صغيرة
نعم أنا المعدم غير أني أمتلك الخزائن الكبيرة
فسلفتي موهبتي ضميري أسمى من المكاسب الحقيرة
هذه هي فلسفته ، الحياة المعنوية ، خزائنه تلك التجربة الحيوية التي تحول الصحراء إلى ماء وعشب ، ترمم الجروح الروحية ، ترطب الحزن بشهقة الأمل الحارة . والشاعر ينطلق من واقع ، من شاهد عيني ، وهذا ما يؤكد كونه شاعر الشأن اليومي
يقول :
وكم من أمير مترف تمنى وصالها فأدبرت نفوره
وصال الشعر ، وصال الكلمة عندما يحررها من سجنها القاموسي ويدخلها في عنفوان الحياة الخصبة ، فيشعل شموع من روحه للمعذبين في الأرض .
رحم الله الشاعر خالد ، والبركة فيما خلف من فن رائع جميل .
سلسلة شطريون مبدعون ...حسين الهلالي
حسين الهلالي
ولد في قضاء الشطرة - محافظة ذي قار سنة 1940
دبلوم معهد الفنون الجميلة - فنون تشكيلية 1960 - 1961 /.
بكلوريوس تربية فنية- / كلية التربة المفتوحة
من معارضه الشخصية : -
أ - اول معرض في مدينة الشطرة سنة 1964
ب- اقام معرضاً مشتركاً مع الدكتور ماجد النجار 1965 في الناصرية
ج- معرضه الشخصي الثاني في الدمام في السعودية سنة 1969
د- معرضه الشخصي الثالث في الخطوط الجوية الفرنسية سنة 1970 في الخبر
هـ- معرضه الشخصي الرابع في المعهد الثقافي سنة 1972 معرض( الضد)في بغداد
و- معرضه الشخصي الخامس في بيروت 1974
ز- معرضه الشخصي السادس سنة 1975 خاص بالفلاحين وأقيم في احدى القرى النائية للفلاحين ، تم نقل المعرض الى المتحف الوطني ببغداد سنة 1976
ح- معرضه الشخصي السابع في الدانمارك - كوبنهاكن - مهرجان بيليروب 2001
اقام معرضه التشكيلي التاسع بمناسبة تكريمه من قبل نقابة الفنانين المركز العام كرائد في الفن التشكيلي
في المسرح
1- كتب مسرحية سومرية / بعنوان أوركاجينا سنة 1967 ومثلتها جماعة لكش
2- قام بتعريق واعداد مسرحية المسامير لسعد الدين وهبة - مثلت في الشطرة ومثلتها الفرقةالقومية ببغداد سنة 1969 .
3- كتب مسرحية السد سنة 1978 .
.
4-كتب مسرحية ( انتيمينا ) وهي سومرية ايضاً سنة 1979 .
5- كتب مسرحية مملكة الأزرق سنة 1965 ومثلتها فرقة لكش سنة1993
6 كتب مسرحية حلم حريز - شعبية ومثلتها فرقة لكش سنة 1995
7 كتب مسرحية البطنجة - شعبية ومثلتها فرقة لكش سنة 1997
8-كتب مسرحية المغنون - شعبية ومثلتها فرقة لكش سنة 1998
9- كتب مسرحية آبي - سين - سومرية وقدمت للنشر .
في الكتابة عن الأدب والفن
ــــــــــــــــــــــ
•1. كتب عن الفن التشكيلي - عن الفنان الفرنسي ماثيو / فنان الخطوط الحادة .
•2. خالد الجادر - صاحب التعبير الغنائي .
•3. سلسلة من المقالات عن جذور الفن السومري .
•4. كتب عن الفنان فائق حسن(خيول فائق حسن اليتيمة )
•5. كتب عن الفنان شاكر حسن ال سعيد
•6. كتب عن الفنانة الدكتورة امل بورتر
•7. كتب عن الفنانة التشكيلية المصرية ايمان ادهم
•8. كتب عن الفنانة التشكيلية السورية سوزان ياسين رؤية في اعمال سوزان التشكيلية
في الأدب
ــــــــ
موضوعه المتسلسل ( أور ملهمة المبدعين ) عن الأدباء والشعراء في ذي قار : -
•1. عبد الرحمن مجيد الربيعي
•2. رشيد مجيد
•3. قيس لفته مراد
•4. كاظم جواد
•5. عبد القادر رشيد الناصري
•6. عبد الرحمن رضا
•7. صبري حامد
•8. عزران البدري
•9. ناهض فليح
•10. عناية الحسيناوي
•11. عزيز عبد الصاحب
•12. احمد الباقري
•13. فاضل السيد مهدي
التراث
ــــــــــــــــ
•1. عدد من المقالات في مجلة التراث الشعبي
•2. سلسلة من المقالات عن أصالة تراثنا الغنائي عدد ( 30 ) مقال .
في التلفزيون
ــــــــــ
•1. كتب مادة الفلم التسجيلي ( الطائر الذي حلق عالياً ) عن الفنان داخل حسن .
•2. كتب مسلسل عن الفنان داخل حسن عدد الحلقات ( 15 ) حلقة .
•3. كتب مسلسل عن قتيبة بن مسلم الباهلي عدد الحلقات ( 22 ) حلقة .
•4. كتب مسلسل عن عبد الله الفاضل ( 15 ) حلقة .
•5. كتب مسلسل عن المحسن السعدون ( 20 ) حلقة .
•6. كتب مسلسل ( منساج يا ديرتي ) - بدوي ( 15 ) حلقة .
•7. كتب مسلسل حكاية الدواوين - بدوي ( 15 ) حلقة .
•8. كتب مسلسل ( ديرة روية ) - بدوي ( 15 ) حلقة .
•9. كتب مسلسل حمدة الحكيمة ( 15 ) حلقة .
•10. كتب مسلسل الأمير الصغير ( للأطفال ) - ( 30 ) حلقة - فصحى .
•11. كتب مسلسل اليتيمان ( للأطفال ) - ( 15 حلقة ) - فصحى .
يواصل كتاباته في الصحف والمجلات العراقية والعربية وعلى شبكة الأنترنيت
صدرت له رواية / درب الحطابات /عن دار بنت الرافدين 2007
تحت الطبع
روايته الثانية / حديث الأكف
سلسلة شطريون مبدعون ...علاء اللامي
علاء اللامي
نبذة سيرية عن علاء رزاق مطر اللامي بقلمه :
ولدت - على الأرجح - سنة 1955 كما تقول أوراقي الثبوتية ، دونما حاجة لذكر اليوم فهو الأول من شهر تموز / يوليو كسائر فقراء العراق أي 1/7 / و في قرية جنوب العراق تسمى " البدعة " وتقع على مسافة بضعة أميال من أطلال العاصمة السومرية القديمة " لكش " أو تلو كما نسميها، لأب من صيادي الأسماك صار عاملا زراعيا فيما بعد.
أكملت تعلمي الابتدائي في قريتي " البدعة "، والتعليم الثانوي في مدينة "الشطرة" والمجاورة لها ، والتعليم الجامعي في العاصمة بغداد حيث قُبِلتُ طالبا في كلية "أصول الدين " والتي كانت الكلية الوحيدة في العراق التي لا تشترط أن يكون المتقدمون إليها من أعضاء حزب البعث الحاكم وكنت قبل ذلك قد قبلت في أكاديمية الفنون الجميلة فرع المسرح ثم ألغي قبولي فيها للسبب السياسي ذاته .
وبعد عامين ألغيت كلية " أصول الدين " بقرار من النظام الحاكم فأُلحقنا بكلية الآداب التابعة لجامعة بغداد حيث تخرجت منها بتاريخ30/6/1979 . ولما كنت كسائر زملائي المتخرجين والمعروفين بنشاطاتهم السياسية اليسارية مهددين بعقوبة الإعدام بعد التحاقنا الإجباري بالخدمة العسكرية بعد التخرج فقد اضطررت للهرب من بلدي قبل أربعة أيام من حفلة التخرج وبعد أن علمت بنتيجة نجاحي في امتحانات التخرج .
أول نص أدبي وسياسي منشور لي كان تحية للذكرى العاشرة لاندلاع ثورة "ظفار" وفي تلك السنة، وأظنها 1976 أو 1977 ، كانت هذه الثورة تذبح بسيف الشاه الإيراني الهارع لنجدة شقيقه قابوس بن سعيد ، وقد ألقيتُ تلك القصيدة في المهرجان الشعري السنوي لكلية الآداب وفاز النص بإحدى جوائز المهرجان و لكني هربت من الحفل قبل استلامها للأسباب لها علاقة بحقوق الإنسان ..وقد نشر ذلك النص في ثلاثة منابر هي مجلة "الهدف" لسان حال الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي كانت تصدر آنذاك من بيروت ، وفي مجلة "فلسطين الثورة" العدد السنوي بمناسبة انطلاقة حركة فتح ، ونشرت مقتطفات منها في جريدة "طريق الشعب" صفحة أوراق الاثنين لسان حال الحزب الشيوعي العراقي والتي عملت فيها كعضو في المكتب الصحفي العمالي وقد انقطعت علاقتي بالحزب المذكور بعد ذلك أي منذ ثلاثة عقود تقريبا وقد اعتقلت لشهرين في مديرية الأمن العامة قبل ذلك وبالضبط في تشرين الأول سنة 1978 رغم انقطاع علاقتي بالحزب وتعرضت لما تعرضت له صحبة رفيقي الشهيد حسن علي فليح الشطري الذي اغتيل لاحقا واضطررت إلى الاختفاء لفترة .وبعد أن تمكنت من أداء امتحانات التخرج في الجامعة ومعرفة النتيجة غادرت العراق بتاريخ 24/6/1979 نحو سوريا فالجزائر حيث أقمت و عملت فيها من سنة 1980 إلى سنة 1986 كمدرس ثم قدمت إلى سويسرا حيث أقمت فيها مع أسرتي منذ سنة 1986 وحتى الآن .
أصدرت الكتب التالية :
دليل التنشيز / مجموعة شعرية / دار الديوان 1987/ فرنسا / طبعة محدودة .
ثلاث مسرحيات /نصوص مسرحية / دار الديوان 1987/ فرنسا / طبعة محدودة .
إيجابيات الطاعون /نصوص مسرحية / دار الكنوز الأدبية1999/ لبنان .
قصائد حب باتجاه البحر / منتخبات شعرية مترجمة إلى العربية /دار الكنوز الأدبية 1999/ لبنان .
نصوص مضادة دفاعا عن العراق / مقالات ودراسات / دار الكنوز الأدبية 2000/ لبنان .
الورد والنار / قصص قصيرة / دار الكنوز الأدبية 2000/ لبنان
كتابات ضد التيار / مقالات ودراسات / دار الكنوز الأدبية2001 / لبنان .
سيرة اليمامة البابلية / مجموعة شعرية / دار الكنوز الأدبية 2001/ لبنان .
نقد المثلث الأسود / مقالات ودراسات / دار الكنوز الأدبية 2002/ لبنان .
بغداد ترتقي الجلجلة /نصوص مسرحية / دار الكنوز الأدبية 2002 / لبنان .
يوميات المجزرة الديموقراطية / يوميات ومقالات / دار التيار 2003 / لبنان .
المستطرف الممتع ..كتاب تراثي وصحافي /دار الكنوز الأدبية 2003 /لبنان
ما بعد السقوط .. مقالات ودراسات حول العراق بعد سقوط نظام صدام حسين / دار التيار / بغداد 2005 /بغداد
المبسط في النحو والإملاء .. دروس في النحو الإملاء العربيين / دار الانتشار العربي / لبنان
السرطان المقدس / الظاهرة الطائفية في العراق من المتوكل العباسي إلى بوش الأمريكي
بين دجلة والفرات / دروس لتعليم اللغة العربية للأجانب الناطقين بالفرنسية / الفرانكوفونيين.
له تحت الطبع :
كافكا الآخر ..
الحضور الأكدي والآرامي والعربي الفصيح في لهجات العراق والشام
الموقع الفرعي في الحوار المتمدن: http://www.ahewar.org/m.asp?i=2
22 مايو, 2011
سلسلة شطريون مبدعون ..... زامل سعيد فتاح.
شكل الشاعر زامل سعيد فتاح بتجربته الزاخرة بالالتماعات الابداعية، علامة فارقة في الاغنية العراقية، ولانبالغ اذا قلنا انه اصبح ظاهرة في كتابة القصيدة الغنائية على مدى عقد السبعينيات من القرن الماضي،
وعندما نتصفح الاغنية العراقية في هذه الفترة، نجده وبجدارة قد وطن نفسه كابرز فرسان الاغنية تصعب منافسته ومجاراته لما تجود به قريحته المنفتحة على العطاء الشعري المتفاعل بايجابية مع الطبيعة والحياة واستلهامات مشاهداته وكأنه رسام حاذق انشد الى مناظر الحياة الانسانية ليعيد صياغتها بلوحات غاية في الروعة من خلال الرسم بالكلمات، وهو بذلك يقترب من تجربة الموسيقار سيد درويش، الذي يصوغ الحانه من مفردات واغاني يلتقطها من افواه العمال والشغيلة واصحاب المهن المختلفة لذلك جاءت اغانيه والحانه منسجمة بعفوية وتلقائية من افكار وذائقة الناس.
.وعندما نمعن النظر في شعر زامل نلمس تضميناته التي لاتخلو اية قصيدة من مفردات الطبيعة والتشكلات البيئية وانواع الفواكه واستنطاق الواقع، على نحو مثير للدهشة وبطريقة السهل الممتنع التي يتقن لعبتها باحترافية عالية، فيحاكي الخوخ والهور والنخيل ودجلة والفرات والغراف والمدن ويعاتب المكير والزمن وسنوات الضياع ويغازل الورود وعيون الحسناوات.. ورغم عمره القصير المتخم بالآهات والاوجاع والجوع والانتظار والاحلام، فان زامل ينسج من احزانه مناديل عشق تكفكف دموع العاشقين والمحرومين بتلك القصائد التي تعطر جوانح الفؤاد فتزيده القا وتوهجا بفيوضات الوجد ومشاعر الحب والذكريات.
رحيل غامض
ولد زامل في محافظة الناصرية في قضاء الشطرة عام 1941 وتوفي عام 1983 بحادث سيارة بعد خروجه من نادي اتحاد الادباء في بغداد ثملا والمفارقة الغريبة التي اودت بحياته، انه الوحيد من الذين يستقلون السيارة توفي وكان بمعية المخرج نبيل ابراهيم الذي كان يقود السيارة التي سرعان ما اصطدمت بسيارة اخرى، مثلما يذكر الكاتب راضي المترفي في بحثه القيم المنشور في مجلة القيثارة في عددها الخامس عشر ويقول “انكفأ فجأة ومن غير مقدمات بحادث مروري مثل كثير من الحوادث التي تبدو كحوادث طبيعية ولكنها تأخذ المعارضين للسلطة ما يضفي عليه شيء من الغموض ويثير حوله الشبهات ويجعل المرء في حيرة من امره، فالشاعر كان. يبدو وكانه يعيش شهر عسل مع السلطة ويموت على طريقة معارضيها “. ليبقى فاجعة رحيل زامل واحدة من الحوادث التي يلفها الغموض بعد ان توارى اهم شهود الحادثة، ويحلنا الكاتب المترفي الى قصيدة (سعود) التي قرأها في احد الموتمرات في السبعينيات وكان حينها محسوباً على اليسار وتقول بعض ابياتها المحرضة على التمرد والعنف الثوري:
افه يسعود جاوينك..
زرزور وتعله اعليك
وندل كل مجامينك
جيلات الحرامية فشكهن شد
وانته البرنو الترعد
على ركاب العدو تنحد ..
قصيدة (سعود) تكشف على نحو واضح قطيعته الفكرية مع السلطة ورفضه السياسي للنظام القائم بدخيلة تفضح اسراره في العلن بدعوة على ممارسة العنف الثوري، باستصغار رجالات السلطة ونعتها بالزرازير.. اغلب الباحثين في اسباب وبواطن الجريمة لايستغنون عن المقدمات والبدايات التي ادت الى النتيجة والنهاية الحتمية وهي القتل، ويبقى شاعر مثل زامل سعيد فتاح شخصية مثيرة للجدل في حياته وبعد مماته تحتاج الى البحث المسؤول عن الحقيقة الخالصة وليس مداراً للاثارة ومشاكسة الواقع، لاسيما انه ابن الجنوب في منطقة قلقة فكريا مقلقة لنظام البعث انذاك وهي مدينة الشطرة التي كانت تسمى بموسكو العراق، لفطر المنتمين لتيار الحزب الشيوعي في فترة السبعينيات، ومن غير الممكن ان لا يتأثر شاعر بمستوى شاعرية وحساسية زامل بافكار ابناء مدينته وينفعل لطروحاتهم.
العاطفة الوطنية
لعل ابرز ما يميز شعر زامل هو امتزاجه الصادق وغير المفتعل لعاطفة الحب توجيها نحو مغازلة ربوع الوطن، فالوطن يتخذ وجه الحبيبة في قصائده ويصبح الاثنان وجهين لعملة واحدة، يلبس الوطن والحبيبة هالة من القدسية والطهارة، فعاطفة الحب الصادق ترتقي بالعاشق الى مراتب السمو والتجلي ليرى الجمال والطبيعة والحياة بألوان التفاؤل والانتماء الى دائرة الوجود الانساني، فيتحول العاشق (الشاعر) الى مفوض سام باسم الجمال والعاشقين والفقراء والحالمين.. وهذه الصورة نجدها في اغنية”حاسبينك”:
انت روحي.. روحي جم حب تدري بيه
حبه للكاع وغرسه ومايه ومن مشه عليه
ايضا يؤكد زامل ثنائية التجانس بين الاغنية العاطفية والوطنية في التعبير عن المشاعر على نحو مترف جماليا في اغنية”هذا آنه وهذاك انت” في المقطع الذي يقول:
هواك انت يذكرني بفرات ودجلة يوميه
مثل كلبي ومثل كلبك تلاكن صافيه النيه
وفي مقطع اخر يقول:
شفت دجله وفي مثلك يفيض بخير الي ولجلك ..
وهنا نلمس شفافية زامل وحواريته مع الطبيعة وهو يحول نهري دجلة والفرات الى كائن حي يشعر ويتحسس حركة العاشقين ويستمع لهمسات المحبين ونجواهم وشاهد على تلك الامسيات وحافظ لذكريات واسرأر المحبين.
هوى العراق يسري في عروق الشاعر الراحل فلا يستطيع كتمان ذلك الهوى فتبوح قصائده بأجمل استلهامات الحب، بل ان ربط الغناء العاطفي بالوطني، حفز الملحن الكبير طالب القره غولي لان يصوغ جمله اللحنية لتزيد وهج الكلمة في التعبير عن مكنونها الحسي بمخاطبة غنائية بذات الوتيرة من الصدق والرقي، نتجت عنها الكثير من الروائع الغنائية مثل”جذاب” واغنية”حاسبينك”واغنية” العب ياشوك” وأغنية” تكبر فرحتي بعيني”وأغنية”شكول عليك”التي لحنها الفنان محسن فرحان واغنية”هذا آنه وهذاك انت”وغيرها من الاغاني.. فشكل زامل مع القره غولي ثنائيا ابداعيا تبقى الاجيال تردد صدى اغنياتهما ما بقيت الاغنية العراقية، فهو ابن مدينته، الذي عاش معه الجوع والحرمان وامتزجت احلامهما وآمالهما بالوصول الى دائرة الشهرة والنجومية، فصدقت موهبتهما واصابت الهدف، لكن الاقدار عجلت رحيل الشاعرالملهم والمحفز للالحان الكبيرة، ولابد من التوقف هنا عند اغنية “اعزاز” التي اصبحت في عقد السبعينيات ترنيمة لاغتراب ونداء روحي مثقل بالحزن واللوعة يصل للقلوب التي اضطرتها الظروف للرحيل والابتعاد.. ولم تخل هذه الاغنية من الدفق العاطفي الممزوج بتربة الوطن الذي ما انفك يمارس مازوشيته بتعذيب وتغريب قاطنيه، لنقتطف هذا المقطع من اغنية”اعزاز” :
شوكهم نسمة جنوب وسيرت لاهل الشمال..
ابداع كبير وعمر قصير
ما بين ولادته في عام 1941 ورحيله عام 1983 عاش الشاعر زامل سعيد فتاح من حياته الضاجة بالابداع والعطاء الشعري 42 سنة فقط، ليفارق ميدان الاغنية والقصيدة وهو في اوج شهرته ونضجه الفني، وهذا العمر يحيلنا الى الكثير من المواهب الكبيرة التي رحلت في شبابها ومازال لديها الكثير من الابداع والعطاء لتمنحه للناس فقد سبق ان رحل الفنان ناظم الغزالي بنفس العمر الذي رحل به زامل، والغزالي يفتح ابواب نجوميته العربية ليطل منها ابداعه الغنائي، كذلك الفنان رياض احمد رحل وهو في عقده الرابع، كذلك الفنان التشكيلي جواد سليم يخذله قلبه وهو يجسد اروع ملحمة تاريخية هو نصب الحرية الذي يمثل مسيرة نضال شعب ناضل من نيل حريته ولم يمهله قلبه رؤية ما صنعته موهبته من ابداع فمات وهو مازال شابا قبل ان يكتمل مشهد الحرية ويتأمله بعيون تبرق بالطمأنينة والزهو قبل اغفاءته الاخيرة، ايضا رحل الموسيقار المذهل موزارت وهو في قمة شبابه وعنفوان عطائه ولم يذق من طعم الحياة الا 32 سنة.. وفي عمر مقارب رحل الفنان التشكيلي والشاعرابراهيم زاير وكان كتلة متوهجة بالعطاء. ظاهرة الرحيل المبكرللمواهب الكبيرة، تستدعي منا التوقف عندها ودراستها بافاضة، هؤلاء المبدعون، فضلا عن فرط احساسهم بما حولهم وعملية استرجاع الواقع على شكل ابداع فني، انهم كدودة القز تنسج من احشائها لتمنح الناس الحرير.. ويبدو ان عقولهم الكبيرة وأحلامهم المتسعة لاتستوعب اجسادهم الصغيرة. وعلى كل حال فان شاعرنا زامل رغم عمره القصير استطاع ان يقدم عطاء كبيراً تفتخر به الاغنية العراقية، ستبقى شاعريته طرية ترطب ذائقتنا ومخيلتنا بعذوبة وقعها وسحر صورها، تبقى قصائده مصفاةلأسماعنا نلوذ بها لننقي ذائقتنا عندما تتكاثر الاشنات والطحالب الغنائية.
*سامر المشعل : كاتب وناقد فني عراقي